رسالة تجمع العلماء المسلمين بمناسبة عيد الأضحى المبارك

عاجل

الفئة

shadow

بمناسبة عيد الأضحى المبارك توجه تجمع العلماء المسلمين في لبنان برسالة تهنئة إلى اللبنانيين عموماً والمسلمين خصوصاً، تلاها رئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله، جاء فيها:
أيها اللبنانيون:
تمرُّ علينا مناسبةٌ عيدِ الأضحى المباركِ هذا العام وبلدُنا يمرُّ في مرحلةٍ استثنائيةٍ نحن مطالبونَ بأن نَتمثّل فيها معاني هذا العيدِ ومفاهيمَه، إننا بحاجةٍ ماسةٍ للخروجِ من متاهاتِ الانانياتِ الشخصيةِ الى رحابِ تقديمِ المصلحةِ العليا للوطنِ على كلِّ مصلحةٍ أخرى، الكلُّ باتَ يعرفُ إن لبنانَ اليومَ ينعمُ بالأمنِ والأمانِ لا بفضلِ المجتمعِ الدوليِّ ولا الاستكبارِ العالميِّ ولا المنظماتِ الدوليةِ بل هو بسببِ جهادِ المقاومينَ الشرفاءِ الذينَ لهم وحدَهُم هذا العيدُ لما بَذَلُوهُ من تضحياتٍ ما زالتْ مستمرةً إلى اليومِ وما شهدناهُ بالأمسِ من انتصارٍ معنويٍّ أبْرَزَ تقدماً تكنولوجياً للمقاومةِ، خيرُ دليلٍ على ذلكَ وعلى أن بلدَنا لا يحميهِ سوى الركونِ الى قواهُ الذاتيةِ المتمثّلةِ بالثلاثيةِ الماسيةِ الجيشِ والشعبِ والمقاومة.
أيها اللبنانيون:
إنكم اليومَ تنامونَ آمنينَ في بيوتِكم وتخرجونَ يومَ العيدِ فَرِحِينَ مع أولادِكُم لزياراتِ الأهلِ أو لارتيادِ المطاعمِ والملاهي في الوقتِ الذي يقفُ فيه على الجبهاتِ في مواجهةِ الإرهابِ الصهيونيِّ والحقدِ التكفيريِّ رجالٌ أعاروا الله جماجِمَهم ورسّخوا في الأرضِ أقدامَهم وآلوا على أنفسِهم أن لا يسمحوا للعدوِّ أن يعكِّرَ عليكم صفوَ عيدِكُم، فلهم منا جزيلُ الشكرِ ومن الله عزَّ وجلَّ وفيرَ الأجر.
إن المعاني التي يحملُها عيدُ الأضحى كثيرةٌ ولعلَّ العنوانَ الأبرزَ هو ما يعنيهِ اسمُ هذا العيدِ وهو التضحيةُ بأغلى ما نملكُ في سبيلِ الامتثالِ لأمرِ الله سبحانه وتعالى. فكما استعدّ إبراهيمُ عليهِ السلامُ للتضحيةِ بإسماعيلَ عليه السلام امتثالاً لأمرِ الله بِذَبْحِه، علينا أن نستعدَّ لتقديمِ أغلى ما نملكُ امتثالاً لأمرِ الله تعالى، وعندما يعرضُ لنا الشيطانُ لثَنْيِنا عن هذا الامتثالِ علينا رجمُهُ بحجارةٍ معنويةٍ، كما رَجَمهُ إبراهيمُ عليه السلام بحجارةٍ ماديةٍ عبّرت عن رفضهِ لوسوساتِهِ، ونعلنُ أن آذانَنا وعقولَنا صمّاءُ عن أن تستمعَ لتحريضِهِ، فلا ندخلَ في فتنةٍ ولا نعادي أهلَنا بل نعتبرُ أن عدوّنا الأوحدَ هو العدوُّ الصهيوني.
أيها اللبنانيون:
إن العنوانَ الأبرزَ للحجِّ بعد التضحيةِ هو البراءةُ من أعداءِ الله وعدمُ الودِّ إليهم وإعلانُ الحربِ عليهم، وكما قال الله عز وجل: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكبر أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾.
فهذا الإعلانُ هو ما يعطي للحجِّ القيمةَ الحقيقيةَ التي من أجلِها شرّعَهُ الله ولكن ماذا نفعلُ مع أناسٍ ارتبطوا بالمشركينَ وداروا في فَلَكِهم وأعلنوا الولاءَ لهم؟!!
ولا ننسى ونحنُ نتحدّثُ عن العيدِ وعن التضحيةِ فلسطينَ، فلا عيدَ لنا وفلسطينُ محتلةٌ، ولا عيدَ لنا والقدسُ يدنِّسُها الصهاينةُ، ولا عيدَ لنا وآلةُ الدمارِ الصهيونيةِ تقتلُ يومياً شباباً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً من شعبِ فلسطين، وعيدُنا الحقيقيُّ يومَ نُعيدُ لفلسطينَ أَلَقَها ولأهلِها فرحتَهُم وللمسلمينَ عزّتَهم بتحريرِها من الاحتلالِ الصهيونيِّ، ولا يكونُ ذلكَ إلا من خلالِ التضحيةِ بالغالي والنفيسِ والبراءةِ من المشركينَ وأعداءِ الإنسانيةِ. وما شهدناهُ بالأمسِ من تطورٍ نوعيٍّ في عملياتِ المقاومةِ في الضفةِ الغربيةِ بإدخالِ سلاحِ الصواريخِ من داخلِ جِنينَ البطلةِ هو تأكيدٌ على أن المقاومةَ في مسارٍ تكامليٍّ مع محورِها الممتدِّ على كاملِ الكرةِ الأرضيةِ وأنه سيصلُ في النهايةِ لتحقيقِ الوعدِ الإلهيِّ بزوالِ الكيانِ الصهيونيِّ قريباً جداً بإذنِ الله سبحانه وتعالى.
أيها اللبنانيون:
في عيدِ الأضحى نقولُ لأهلِنا في لبنانَ نحنُ وإياكُم في مركبٍ واحدٍ ننجو معاً أو نغرَقُ معاً، فلا يحاولْ كلُّ فريقٍ منا أن يتصرّفَ بمقعدِهِ في المركِبِ بغضِّ النظرِ عن مصلحةِ الفريقِ الآخرِ بل علينا أن نجذِّفَ جميعاً باتجاهِ الوصولِ إلى برِّ الأمانِ وهذا لا يكونُ إلا بالوحدةِ الوطنيةِ والخروجِ من المهاتراتِ والدعواتِ الطائفيةِ والمذهبيةِ والإسراعِ في تشكيلِ حكومةِ وحدةٍ وطنيةٍ تعملُ على حلِّ مشاكلِ الوطن.ولا بدِّ من الحوارِ كوسيلةٍ وحيدةٍ للخروجِ من مآزِقِنا ولانتخابِ رئيسٍ للجمهوريةِ يحظى بفرصةِ تحقيقِ الاصلاحاتِ المطلوبةِ والحوارِ مع سوريا وعدمِ طعنِ المقاومةِ بظهرها.
إلى العالم أخيراً:
إن الإسلامَ هو دينُ الرحمةِ ودينُ التضحيةِ ودينُ المحبةِ وليس دينَ القتلِ، أما الجهادُ فهو فرضٌ علينا نحاربُ من خلالِهِ من يحارِبُنا ولا نعتدي، وندفعُ الأذى عنا ولا نفتري، ونصونُ إرادتِنا واستقلالنِا ولا نهيمن، إن الإسلامَ دعوةٌ عالميةٌ هدفُها ربطُ الإنسانِ بالخالقِ الذي نظّم حياتنَا في الدنيا لخيرِنا وسعادَتنِا فمن تقبّلَ بقبولِ الحقِّ فالله أولى بالحقِّ ومن رفضَ وأبى فلهُ دينُهُ ولنا دينُنا ولا يضرُّ ذلكَ بنا شيئاً، إنما أردْنا أن يفتحَ اللهُ قلبَهُ للإيمانِ من خلالِ دعوتِنا لأنّه نظيرٌ لنا في الخَلْقِ ولأنَّ الناسَ كلَّهم عيالُ اللهِ وأحبُّهم إلى اللهِ أنفَعُهُم لعيالِه.
كل عام وأنت بخير

الناشر

علي نعمة
علي نعمة

shadow

أخبار ذات صلة